في أماكن متفرقة من العالم، هناك جبال تبدو وكأنها تتنفس. فهي تطلق أعمدة من الدخان الأبيض أو الرمادي، لتذكّرنا أن قلب الأرض ما زال حيّاً يغلي في الداخل. هذه الجبال هي البراكين، لكنها في فترات هدوئها لا تنفجر، بل تكتفي بإطلاق أنفاس دافئة نحو السماء.
المشهد مهيب: جبل شامخ يعلوه دخان متصاعد يتلاشى في الهواء. أحياناً يكون الدخان ممزوجاً برائحة الكبريت، وأحياناً ترافقه ينابيع حارة تفور من بين الصخور. كل ذلك دليل على أن باطن الأرض ليس ساكناً كما نعتقد، بل عالم مليء بالنار والطاقة.
في ثقافات الشعوب القديمة، اعتُبرت هذه الجبال أماكن مقدسة، يُنظر إلى دخانها كرسائل من الآلهة أو علامات على قوة الطبيعة. وحتى اليوم، ما زالت تجذب السياح والباحثين الذين يرون فيها مختبراً طبيعياً لفهم أسرار الأرض.
رمزياً، الجبال التي تصدر الدخان تذكّرنا أن الصمت لا يعني الهدوء الكامل. فكما يختبئ البركان خلف مظهره الثابت، قد يخفي الإنسان بداخله مشاعر وأفكاراً لا تظهر إلا على شكل إشارات صغيرة، كدخان ينبعث قبل الانفجار أو التغيير الكبير.
إنها جبال تقول لنا إن القوة الحقيقية ليست في الانفجار وحده، بل في القدرة على التنفس بصمت، وإرسال إشارات الحياة حتى من بين الصخور.